السؤال :
ما رأي فضيلتكم في ظهور المرأة في كامل حشمتها وعفافها على شاشة التلفاز لتفيد غيرها بعلم نافع أو لتناقش قضية من قضايا النساء ؟
ولكم جزيل الشكر.
الجواب :
الحمد لله. الذي يظهر لي أنه لا يجوز للمرأة المسلمة الظهور في التلفاز لترتب المفاسد المتعددة على هذا الظهور:
1- كشف الوجه لأن من متطلبات الإلقاء والتأثير أن يكون المتحدث كاشفا لوجهه أو وضع اللثام الذي قد يكون في بعض الأحوال أشد فتنة من الكشف بالكلية.
2- إظهار الزينة في الثوب والحجاب وغطاء الرأس لأن من أخلاقيات هذه المهنة التزين والظهور بأحسن حلة ولذلك جرت العادة بتخصيص موظفين لتزيين المشارك الإعلامي وإخراجه على أكمل زينة.
3- الخضوع بالقول فالمرأة غالبا في طبيعتها وضعفها تلين كلامها وترققه حين التحدث مع الآخرين ومطلوب منها إعلاميا ذلك ولا يقبل منها غالبا ترك ذلك لأن طبيعة المشاركة الإعلامية تقتضي المجاملة والملاينة في الحديث.
4- فتنة الرجال بصوتها ومظهرها وجسمها فالرجل يفتن غالبا بالنظر إلى المرأة عبر التلفاز خاصة إذا كانت من بني جنسه وقومه.
5- حصول الاختلاط بالرجال لأن العادة جرت في الندوات واللقاءات والمؤتمرات الإعلامية عدم الفصل بين جنس الرجال وجنس النساء.
والحاصل أن المرأة إذا شاركت في التلفاز لا بد وأن يحصل منها غالبا بعض المخالفات أو جميعها كما هو مشاهد. والمرأة مهما كانت متحفظة ومحافظة في البداية لكنها مع المخالطة ومرور الوقت والعيش في هذا الوسط الغير منضبط سيحصل منها التساهل والتسامح حتى يتغير سلوكها إلى الأسوء.
إن المرأة المتسترة والمتحشمة يمكن لها أن تنفع أخواتها وتشاركهم وتفيدهم في دينهم ودنياهم عبر وسائل متعددة مشروعة لا شبهة فيها من غير أن تظهر بدنها ووجهها في التلفاز وتقع في أمر فيه محظور شرعي. ولو فرض وجود امرأة لا يظهر منها شيء ولا تخالط الرجال في مشاركتها فإن تأثيرها سيكون محدودا جدا ولن يكون لها أثر وتقبل من المشاهدين ولن يرحب فيها في مجال التلفاز لمخالفتها أدبيات الإعلام وسياسته السائدة.
إن الشارع الحكيم شدد في الحفاظ على المرأة وصيانة عورتها وبعدها عن فتنة الرجال وبنى كثيرا من الأحكام والتصرفات على مراعاة هذا المعنى وأبعد المرأة عن القيام بالأعمال التي تتطلب بروزا للرجال وظهور للآخرين حتى لا تتحقق الفتنة ولذلك أسقط عنها الولاية والقضاء والجهاد وإمامة الصلاة والأذان وغير ذلك من الأعمال اللائقة بالرجال وحثها على لزوم البيت كل ذلك لأجل الحفاظ عليها واتقاء لفتنتها.
ويخطئ من يظن أن الكلام في حكم ذلك مبني على خلاف الفقهاء في كشف الوجه أو صوت المرأة لأن القائلين من متقدمي الفقهاء بجواز الكشف يأمرون المرأة بالستر وغض البصر وعدم المخالطة ويأمرون الرجل بغض بصره ويلزمون المرأة الجميلة بالستر وهذه القيود والمحترزات منتفية في ظهور المرأة على التلفاز حيث أنها تعرض صورتها وصوتها وحركاتها لجميع الرجال على شكل دائم مما يتحقق فيه الوقوع في المخالفة والفتنة وتكون هذه المادة مسجلة ينظر إليه في كل وقت فالذي يظهر أن هذه الصورة أعني خروج المرأة على التلفاز لا تجوز على مقتضى أصول الفقهاء ومآخذهم وتصرفاتهم ولذلك أمروا المرأة أن تحتجب عن بعض محارمها إذا خشيت الفتنة فكيف يرخصون للمرأة أن تبرز وتظهر أمام ملايين المشاهدين وأمنا عائشة رضي الله عنها همت بمنع النساء للذهاب إلى المسجد لما رأت تغير أحوالهن فكيف بزماننا هذا والله المستعان.
والواجب على المتكلم في هذه المسائل النازلة أن لا يقتصر كلامه ويتوجه إلى بيان حكم المسألة في الأصل فقط بل يراعي أحوال الناس والتغيرات في هذا الزمن التي تحتف بهذه المسألة والآثار والنتائج المترتبة على القول بالإباحة حتى لا ينتشر الفساد وتعم الفوضى باسم الشريعة كما حصل في بعض المسائل.