إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله
فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله.
أما بعد : المتعة القاتلة ( وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)
عنوان الفتوى : عقوبة الزاني في الدنيا والآخرة
السؤال
أنا مغترب في أمريكا وهناك فتاة أحبها وهي تحبني فتقدمت إلى طلبها من أبيها فرفض وقد أصرت الفتاة
على أن لا تتزوج أحدا غيري فكلما تقدم لها شخص ترفضه وفي يوم من الأيام سيطر علينا الشيطان
وارتكبنا الفاحشة فتقدمت مرة أخرى إلى أبيها للزواج بها فرفض وقال لي إن هذه بلاد حرية
وهو لا يهمه أمر الفاحشة التي ارتكبنا أفيدونا ماذا يجب أن أعمل وما الحل؟
الفتوى
خلاصة الفتوى
يجب على من وقع في الزنا المبادرة بالتوبة إلى الله، ومن تمام توبته وتحقيقها البعد مطلقا عن من زنى بها.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالواجب عليك المبادرة بالتوبة إلى الله من الجرم العظيم الذي اقترفته، ولتعلم أن الزنا من أكبر الكبائر، وقد قرن الله جل وعلا
الوعيد عليه بالوعيد على الشرك وقتل النفس، فقال سبحانه في صفات عباد الرحمن:
وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً *
يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً. {الفرقان:68}. وقال سبحانه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً
وَسَاءَ سَبِيلاً {الإسراء:32}.
وعقوبة الزاني في الدنيا إذا ثبت زناه عند الحاكم المسلم أن يقام عليه الحد، وهو جلد مائة للزاني البكر وتغريبه من بلده عاماً، وأما الزاني المحصن (الذي سبق له وطء زوجته في زواج صحيح) فإنه يرجم بالحجارة حتى يموت، ويستوي في هذا الحد الرجل والمرأة، قال الله تعالى: الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَاليَوْمِ الآَخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ المُؤْمِنِينَ {النور:2} وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، وعلى الثيب الرجم." رواه مسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه، وهذا لفظ ابن ماجه.
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم في ليلة الإسراء والمعراج -فيما رواه البخاري وغيره- رأى رجالاً ونساء عراة على بناء شبه التنور، أسفله واسع، وأعلاه ضيق، يوقد عليهم بنار من تحته، فإذا أوقدت النار ارتفعوا وصاحوا، فإذا خبت عادوا. فلما سأل عنهم؟ أخبر أنهم هم الزناة والزواني. وهذا عذابهم في البرزخ حتى تقوم الساعة - نسال الله العافية، فهل يمكن للعاقل أن يستهين بذنب هذه عقوبته في الدنيا والآخرة.
وقد أجمع أهل الملل على تحريمه، فلم يحل في ملة قط، ولذا كان حده أشد الحدود، لأنه جناية على الأعراض والأنساب فتب إلى الله واندم على ما فعلت فان الله يحب التوابين ويحب المتطهرين- قال عز وجل بعد ذكر عقوبة الزاني: إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً - و راجع الفتوى رقم: 1106.
ثم اعلم أن من تمام توبتك وتحقيقها أن تبتعد كل البعد عن تلك الفتاة، واعلم أن علاقتك بهذه الفتاة حتى بمجرد التحدث معها محرم عليك لأن الشرع إذا حرم شيئاً حرم الطرق الموصلة إليه، فهو كما حرم الزنا حرم الخلوة بالأجنبية والنظر إليها والتحدث معها لغير حاجة، وأمرها بالحجاب وعدم الخضوع بالقول ونحو ذلك من الأحكام الشرعية التي تحدد علاقة الرجل بالمرأة الأجنبية. فعليك بقطع علاقتك بهذه الفتاة وابحث عن امرأة عفيفة تأمنها على دينها ونفسها وبيتك وولدك.
والله أعلم.