بسم الله الرحمن الرحيم
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].
إن الصلاة هي عمود الدين، وركن الإسلام المتين، الذي بدونه يسقط بناء الإسلام وتتقوض أروقته، وهي أول ما يُحاسب عليه العبد من عمله، لذا كان لزامًا على كل مكلَّف يرجو النجاة لنفسه أن يسعى في المحافظة عليها، وإتقان صفتها، كما ورد عن المصطفى -صلى الله عليه وسلم- في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، ولقد حفظ لنا الصحابة رضوان الله عليهم صفة صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم- كما لو أنك تشاهده، وألفت فيها المؤلفات.
إن الناظر في صلاة الناس هذه الأيام إلا من رحم الله، يجد أنها بعيدة كل البعد عن صلاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فأول صفة اختزلها الناس: الخشوع في الصلاة كما أخرج أصحاب السنن من حديث مطرف بن عبد الله قال: "رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصلي وفي صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء"، يعني كصوت غليان القدر.
والناظر في حال مساجدنا هذه الأيام لا يكاد يجد فيها خاشعا، والأمر لله.
إن بعض الأخطاء ينبني بعضها على بعض، فمثلا الخطأ في صفة الوضوء ينقص كثيرًا في صفة الصلاة بل يمتد تأثيره على صلاة الإمام، كما أخرج الإمام أحمد في مسنده من حديث أَبِي رَوْحٍ الْكَلاَعِيِّ، قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- صَلاَةً، فَقَرَأَ فِيهَا سُورَةَ الرُّومِ، فَلَبَسَ بَعْضُهَا، قَالَ: إِنَّمَا لَبَسَ عَلَيْنَا الشَّيْطَانُ الْقِرَاءَةَ مِنْ أَجْلِ أَقْوَامٍ يَأْتُونَ الصَّلاَةَ بِغَيْرِ وُضُوءٍ، فَإِذَا أَتَيْتُمُ الصَّلاَةَ فَأَحْسِنُوا الْوُضُوءَ"، وفي رواية: "إنما يلبس علينا صلاتنا قوم يحضرون الصلاة بغير طهور، من شهد الصلاة فليحسن الطهور".
ويكون إسباغ الوضوء بتعميم العضو بالماء مرة واحدة، والسنة ثلاثًا إلا مسح الرأس فمرة واحدة.
وإسباغ الوضوء له فضل عظيم ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "ألا أدلكم على ما يمحو الله به الخطايا، ويرفع به الدرجات"، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: "إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط".
وهنا أنبّه على ان البسملة قبل الوضوء سُنة، وذهب بعض أهل العلم إلى وجوبها، وكثير من الناس لا يقولها من قلة اهتمامه.
ومن الملحوظات: أن البعض لا يتجمل للصلاة فلا يلبس للمسجد لباسًا حسنًا، بل ربما أتى بثياب النوم او العمل ، فنحن نستعد لمقابلة الآدميين بأجمل الملابس، وأفخم العطورات، أفيليق فعل ذلك، وتركه عند مقابلة الله؟!
يقول الله تعالى: (يَا بَنِي آَدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ) [الأعراف: 31] يعني عند كل صلاة.
ومن الأخطاء التلفظ بالنية قبل الصلاة، فتجده إذا رفع يديه للتكبير قال: اللهم إني نويت أن أصلي كذا وكذا، والله جل وعلا يقول: (قُلْ أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ) [الحجرات: 16] قال ابن تيمية -رحمه الله-: "لو عُمر أحدهم عمر نوح لما وجد حديثًا ضعيفًا في ذلك فضلاً عن الصحيح".
ومنها أن البعض إذا أقبل على المسجد والإمام راكع فإنه يركض للحاق بالركعة، وربما تنحنح وأحدث أصواتًا، وهذا مخالف للأمر النبوي بالمشي بالسكينة والوقار، وأيضًا شوش على المصلين روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إِذَا سَمِعْتُمْ الْإِقَامَةَ، فَامْشُوا إِلَى الصَّلَاةِ، وَعَلَيْكُمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، وَلَا تُسْرِعُوا، فَمَا أَدْرَكْتُمْ، فَصَلُّوا، وَمَا فَاتَكُمْ فَأَتِمُّوا".
يا أخا الإسلام! بكر إلى الصلاة لتنال الأجور العالية.
ومن الملاحظ أن البعض إذا دخل المسجد قبيل الإقامة فإنه يقف ينتظر إقامة الصلاة وربما كان الوقت طويلاً مع أن تحية المسجد لا تستغرق وقتًا طويلاً، ولو أقيمت الصلاة وهو في الركعة الأولى فإنه يقطعها بلا سلام لما في الصحيح من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة"، وإن كان في الركعة الثانية فإنه يتمها خفيفة قبل تكبيرة الإمام للإحرام مقتصرًا على الواجب.
ومن الأخطاء عدم التراصّ في الصفوف وعدم تسويتها، بل البعض يتعمد ترك الفُرجَة، لمرض في قلبه، وقد أخرج البخاري ومسلم من حديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- عَنْ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ, فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصَّفِّ مِنْ تَمَامِ الصَّلاةِ"، وفي رواية: "سَوُّوا صُفُوفَكُمْ, فَإِنَّ تَسْوِيَةَ الصُّفُوفِ مِنْ إِقَامَةِ الصَّلاةِ" (صحيح البخاري: 723).
"وتسوية الصَّفِّ تكون بالتساوي، بحيث لا يتقدَّم أحدٌ على أحد، وهل المعتبر مُقدّم الرِّجْلِ؟ الجواب: المعتبر المناكب في أعلى البَدَن، والأكعُب في أسفل البَدَن.
ولقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمر بالتراص في الصفوف، ويندب أمَّتَهُ أن يصفُّوا كما تصفُّ الملائكةُ عند ربِّها، وذلك بأن يتراصَّوا في الصف ويكملوا الأول فالأول، وذلك بأن لا يَدَعُوا فُرَجاً للشياطين؛ ولهذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "أقيموا الصفوف، وحاذوا بين المناكب… ولا تذروا فُرُجَات للشيطان"، أي: لا يكون بينكم فُرَج تدخل منها الشياطين؛ لأن الشياطِين يدخلون بين الصُّفوفِ كأولاد الضأن الصِّغارِ؛ من أجل أن يُشوِّشوا على المصلين صلاتَهم.
اللهم أحسن وقوفنا بين يديك يا رب العالمين ,,,,,,,,,,
الحمد لله رب العالمين .......