الزواج .. أفضل الطرق لصحة جيدة
حديث العلاقة بين الزواج والصحة الجيدة هو حديث الدراسات والأبحاث التي تؤكد يوما بعد يوم على أهمية الزواج باعتباره فطرة إنسانية راقية تعصم المرء من مهاوي الإباحية والشذوذ الذي أودي بأصحابهما إلى أتون الإيدز والأمراض الفتاكة، وأوهن روابط الأسرة، وأكثر من إنجاب اللقطاء وأطفال الشوارع.
في واشنطن أوضحت دراسة جديدة نشرتها مجلة "علم الوباء وصحة المجتمع" المتخصصة، أن الزواج يفيد صحة الرجال بشكل عام, وخصوصا الشباب, ويحسّن نوعية غذائهم, بفضل اهتمام الزوجات بتقديم المزيد من الخضراوات والفواكه الطازجة.
ووجد الباحثون بعد متابعة 40 ألف رجل شاركوا في دراسة طويلة الأمد حول الأمراض المزمنة, تراوحت أعمارهم بين 40 - 75 عاما، في بداية فترة المتابعة عام 1986 وتسجيل حالاتهم الاجتماعية وأوضاعهم الصحية والغذائية كل أربع سنوات حتى عام 1994، وجد الباحثون أن الرجال المتزوجين اكتسبوا وزنا إضافيا وقل مقدار الرياضة التي مارسوها, مقارنة مع الرجال الأرامل أو العازبين أو المطلقين أو المنفصلين.
ولاحظوا أن نوعية غذاء المتزوجين تحسّنت, وتناولوا المزيد من الخضراوات ولحوم الدجاج, وانخفض استهلاكهم من السكر والمشروبات المحلاة، وكانت هذه التأثيرات أقوى عند الشباب الذين تزوجوا ثانية بعد وفاة زوجاتهم, مشيرين إلى أن الرجال الذين يفقدون زوجاتهم يزيدون من استهلاكهم للكحول والخمور ويقل تناولهم للخضراوات, ويتعرضون لنقص كبير في الوزن.
وخلص العلماء إلى أن فشل علاقة الزواج وانتهائه بالطلاق أو وفاة الزوجة يؤذي صحة الرجال ويؤثر سلبيا على حياتهم, وخصوصا على طبيعة غذائهم, مما يؤدي إلى زيادة خطر إصابتهم بالأمراض.
كما أكد تقرير للمركز القومي لإحصاءات الصحة بأمريكا ــ وهو أحد مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية بالولايات المتحدة- أكد هذه النظرية، وقالت "تشارلوت شونبورن" الخبيرة في إحصاءات الصحة والتي قادت فريق الدراسة: إن هناك نظريتين لما خلص له التقرير.
النظرية الأولى: هي نظرية «حماية الزواج» وترى أن المتزوجين قد يتمتعون بإيجابيات أكثر بمفهوم المصادر الاقتصادية والدعم الاجتماعي والنفسي والتشجيع لاعتماد أسلوب حياة صحي.
أما النظرية الأخرى: فهي نظرية «اختيار الزواج» ومفادها أن الناس الأكثر صحة يتزوجون ويظلون متزوجين، في حين لا يقدم الأقل صحة على الزواج أو من المرجح أن يصبحوا أكثر عرضة للانفصال أو الطلاق أو يصبحوا أرامل إذا تزوجوا.
مضمد الجراح
يقول علماء أمريكيون: إن العلاقة الزوجية السعيدة والناجحة تسرّع التئام الجروح والشفاء من الأمراض, في حين يساهم الزواج الفاشل والتعيس في إضعاف مناعة الإنسان، ويزيد فرص إصابته باعتلالات ومشكلات صحية عديدة.
فلقد وجد الباحثون في كلية الطب بجامعة ولاية "أوهايو" أن الأزواج استغرقوا وقتا أطول للتعافي من الجروح عندما طلب منهم مناقشة موضوعات تتعلق بصراعاتهم مع شريك الحياة، مقارنة بالوقت الذي احتاجوه للشفاء عند مناقشة موضوعات حيادية, في حين استغرقت جروح الأشخاص الذين تعرضوا للانتقادات والشجارات والإهانات فترة أطول للتعافي بحوالي 40 % ، ولاحظ الخبراء أن مناقشة الخلافات البسيطة أبطأت أيضا عملية التئام الجروح, مما يدل على أن النفسية السيئة وعوامل التوتر والعصبية تضعف مناعة الجسم ووظائفه الحيوية, مشيرين إلى أن ضعف المناعة كان أوضح ما يمكن عند الأشخاص العدائيين، الذين تعرضوا أيضا للإصابة بإنتانات والتهابات تنفسية بمعدل أعلى من غيرهم.
قلب سليم
خطورة تعرض المرأة المتزوجة لنوبة قلبية أو جلطة بسبب الإرهاق في العمل تكون أقل من المرأة العزباء أو الرجل الأعزب، أما إذا كان الزواج سعيدا فإن الاحتمالات تكون أقل بكثير. فوفقا لدراسة طبية توصل الباحثون إلى أن هناك علاقة قوية بين ضغط العمل وبين ضغط الدم المرتفع، وقد تبين أن ضغط الدم المرتفع ينخفض بشكل ملحوظ عندما تكون الزوجة مع زوجها، خاصة إذا كانت تربطهما علاقة زوجية سعيدة.
فضغط الدم وحجم البطين الأيسر من القلب مرتبط بنوعية وحالة الزواج التي يعيشها الزوجان. ويخلص العلماء إلى الحقيقة التالية: «كلما كان الزواج أسعد، كلما كان ضغط الدم واحتمالات الإصابة بالجلطات والنوبات القلبية أقل».
فوائد نفسية
يعتقد العلماء أن الزواج يقود إلى تغييرات في دماغ الإنسان تحفز جهاز المناعة. تدعم هذه النتيجة إحصائية قامت بها إحدى شركات الأدوية الألمانية، حيث توصل القائمون على الدراسة إلى أن الرجل المتزوج الذي توجد في حياته امرأة تكون صحته أحسن وأفضل من الرجل الذي يعيش وحيدا. فقد تبين أن الفئة الأولى أسرع في الاستعانة بالطبيب أو اللجوء لعلاج إذا ما أصيبت بوعكة صحية. كما أنهم يدخنون أقل، ويراعون تناول الطعام المفيد لصحتهم، والبعد عن الوجبات الجاهزة.
وقاية وعافية
أكدت دراسة بجامعة "لوجانو" السويسرية الفوائد الصحية للزواج .. فقد ثبت أن الزواج يقي الرجال والنساء متاعب الصداع العارض والمزمن، حيث يساعد الشعور النفسي بالعلاقة المستديمة المستقرة على تخفيف حدة توتر الجسم، وإفراز هرمونات السعادة بكم أكبر من هرمونات القلق والخوف والحزن.
كما تقول الدراسة: إن الزواج يساعد الإنسان على التخلص من غالبية أشكال الضغوط النفسية والعصبية، ومن توابع مشاكل العمل والاصطدام بالمجتمع.
ويساعد الزواج أيضا على علاج الأرق، وقلة ساعات النوم، وعلى التخلص من السعرات الزائدة أولا بأول، وبمعدل لا يقل عن 200 سعر حراري في كل لقاء، وهو يعادل ممارسة الرياضة لمدة 40 دقيقة للرجال، وعلى الاحتفاظ بحيوية الرجل لأطول سنوات ممكنة، وعلى وقايته من سرطان البروستاتا بنسبة لا تقل عن 85 %.
وأضافت الدراسة أيضا أن الزواج يفيد في تقوية عضلات القلب لما فيه من دفع مؤقت للدم وتنشيط للدورة الدموية واستنشاق كميات إضافية من الأكسجين يستفيد منها الجسم فتعطيه مزيدا من الطاقة. إضافة إلى ذلك يساعد الزواج على التخلص من أنواع كثيرة من البكتريا ويعمل على تقوية جذور الشعر من خلال الحركة الدموية.
وفى هذا الصدد يقول الباحثون إن الزواج يعتبر أفضل ألف مرة من استخدام أغلى الأدوية التي تعالج سقوط الشعر دون الإحساس بالاستقرار النفسي، ويستثنى من ذلك حالات الصلع الوراثي أو تلك الحالات المرضية المفاجئة التي يصاب بها الرجال والنساء لأسباب مختلفة.
وتقول دراسة بريطانية أن النساء المتزوجات أكثر سعادة من النساء العازبات والمطلقات. كما أن الرجال يعانون أيضا نفسيا من الانفصال وخاصة إذا تم رفضهم من قبل الطرف الآخر. أما إذا بقيت المرأة عزباء وخاصة بعد علاقة زواج فاشلة، عندها تكون احتمالات الإصابة بالاكتئاب عالية جدا. وطبقا لهذه الحقائق فإن الزواج مفيد للصحة النفسية، وذلك ينطبق على الرجال والنساء بشكل متساوي. وتخلص الدراسة إلى أن الزواج مهما كانت مساوئه يبقى أفضل من البقاء بدون شريك.
وقال أخصائيو الطب النفسي: إن العلاقة الزوجية قد تفيد صحة الرجل على المدى الطويل, من خلال تحقيق الأمان العاطفي والاستقرار النفسي الذي ينشده, مؤكدين أن العزوف عن الزواج يزيد خطر الاضطرابات البدنية والنفسية بين الشباب والرجال. كما أشار الخبراء إلى أن ضعف القدرة على التعامل مع المواقف الموترة هي وراء زيادة خطر إصابة الرجال غير المتزوجين بأمراض القلب والسكتات، إضافة إلى عوامل المهنة والدخل المادي ومستوى التعليم التي تؤثر أيضا على الاستقرار العاطفي والنفسي للشخص.